المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطب النبوي3


مسك الليل
2010-06-06, 06:45 PM
وفى لفظ آخر: أنّ رجلاً من الأنصار رُمِى فى أكْحَلِه بِمِشْقَصٍ، فأمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم به فكُوِىَ.
(يتبع...)
@ وقال أبو عُبيدٍ: وقد أُتِىَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم برجلٍ نُعِتَ له الكَىُّ، فقال: ((اكْوُوهُ وارْضِفُوهُ)). قال أبو عُبيدةَ: الرَّضْفُ: الحجارة تُسخَّنُ، ثم يُكمدُ بها.
وقال الفضل بن دُكَين: حدَّثنا سُفيانُ، عن أبى الزُّبير، عن جابرٍ: أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كَواهُ فى أكْحَلِه.
وفى ((صحيح البخارى)) من حديث أنس، أنه كُوِىَ من ذاتِ الجَنْبِ والنَّبىُّ صلى الله عليه وسلم حَىٌ.
وفى الترمذى، عن أنسٍ، أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم
((كَوَى أسْعَدَ بن زُرَارَةَ من الشَّوْكَةِ)).
وقد تقدَّم الحديث المتفَقُ عليه وفيه: ((ومَا أُحِبُّ أن
أَكْتوِى))، وفى لفظ آخرَ: ((وأنا أنْهَى أُمَّتِى عن الْكَىِّ)).
وفى ((جامع الترمذى)) وغيره عن عِمرانَ بن حصينٍ، أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الكَىِّ قال: فابْتُلِينَا فاكْتويْنا فما أفلحْنا، ولا أنجحنا. وفى لفظ: نُهِينا عن الكَىِّ وقال: فما أفْلَحْنَ ولا أنْجَحْنَ.
قال الخطابىُّ: إنما كَوى سعداً ليَرْقَأَ الدمُ من جُرحه، وخاف عليه أنْ يَنْزِفَ فيَهْلِكَ. والكىُّ مستعملٌ فى هذا الباب، كما يُكْوَى مَن تُقطع يدُه أو رِجلُه.
وأما النهىُ عن الكىِّ، فهو أن يَكتوىَ طلباً للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يَكتو، هَلَك، فنهاهم عنه لأجل هذه النيَّةِ.
وقيل: إنما نَهى عنه عِمران بن حُصَيْنٍ خاصةً، لأنه كان به ناصُورٌ، وكان موضعه خطِراً، فنهاه عن كيِّه، فيُشْبِهُ أن يكونَ النهىُ منصرفاً إلى الموضع المخوف منه.. والله أعلم.
وقال ابن قتيبة: الكىُّ جنسانِ: كىُّ الصحيح لئلا يَعتلَّ، فهذا الذى قيل فيه: ((لمْ يتوكلْ مَن اكتوَى))، لأنه يُريد أن يَدفعَ القَدَرَ عن نفسه.
والثانى: كىُّ الجرْح إذا نَغِلَ، والعُضوِ إذا قُطعَ، ففى هذا الشفاءُ.
وأما إذا كان الكىُّ للتداوى الذى يجوزُ أن ينجَع، ويجوز أن لا ينجع، فإنه إلى الكراهة أقربُ.. انتهى.
وثبت فى ((الصحيح)) فى حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنَّةَ بغير حساب أنهم ((الذينَ لا يَسْتَرقُونَ، ولا يكتوُونَ، ولا يتطيَّرُونَ، وعَلَى ربهِمْ يتوكَّلُونَ)).
فقد تضمنتْ أحاديثُ الكىِّ أربعةَ أنواع، أحدُها: فعلُه، والثانى: عدمُ محبته له، والثالث: الثناء على مَن تركه، والرابع: النهى عنه، ولا تَعَارُض بينها بحمدِ الله تعالى، فإنَّ فِعلَه يدلُّ على جوازه، وعدمَ محبتِه له لا يدلُّ على المنع منه. وأما الثناءُ على تاركِه، فيدلُّ على أنَّ تَرْكَه أولى وأفضلُ. وأما النهىُ عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذى لا يُحتاجُ إليه، بل يفعل خوفاً من حدوث الداء.. والله أعلم.
فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاج الصَّرْع
أخرجا فى ((الصحيحين)) من حديث عطاء بن أبى رباح، قال: قال ابنُ عباسٍ: ألاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قلتُ: بَلَى. قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَت النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَتْ: إنِّى أُصْرَعُ، وَإنِّى أَتَكَشَّفُ؛ فَادْعُ الله لى، فقَالَ: ((إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجنَّةُ؛ وإنْ شِئْتِ دعوتُ اللهَ لكِ أن يُعافِيَكِ))، فقالت: أصبرُ. قالتْ: فإنى أتكشَّفُ، فَادعُ الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها.
قلت: الصَّرع صرعان: صَرْعٌ من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصَرْعٌ من الأخلاطِ الرديئة. والثانى: هو الذى يتكلم فيه الأطباء فى سببه وعِلاجه.
وأما صَرْعُ الأرواح، فأئْمتُهم وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، ويعترفون بأنَّ علاجه بمقابلةُ الأرواحِ الشريفةِ الخيِّرةِ العُلْويَّة لتلك الأرواح الشِّريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارضُ أفعالَها وتُبطلها، وقد نص على ذلك ((بقراط)) فى بعض كتبه، فذكر بعضَ عِلاج الصَّرْعِ، وقال: هذا إنما ينفع من الصَّرْع الذى سبَبُه الأخلاط والمادة. وأما الصَّرْع الذى يكون من الأرواح، فلا ينفع فيه هذا العلاج.
وأما جهلةُ الأطباء وَسقَطُهم وسفلَتُهم، ومَن يعتقِدُ بالزندقة فضيلة، فأُولئك يُنكِرون صَرْعَ الأرواح، ولا يُقرون بأنها تُؤثر فى بدن المصروع، وليس معهم إلا الجهلُ، وإلا فليس فى الصناعة الطبية ما يَدفع ذلك، والحِسُّ والوجودُ شاهدٌ به، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط، هو صادق فى بعض أقسامه لا فى كلِّها.
وقدماءُ الأطباء كانوا يُسمون هذا الصَّرْعَ: المرضَ الإلهى، وقالوا: إنه من الأرواح.
وأما ((جالينوس)) وغيرُه، فتأوَّلُوا عليهم هذه التسمية، وقالوا: إنما سمُّوه بالمرض الإلهى لكون هذه العِلَّة تَحدُث فى الرأس، فَتضُرُّ بالجزء الإلهى الطاهر الذى مسكنُه الدماغُ.
وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواح وأحكامِها، وتأثيراتها، وجاءت زنادقةُ الأطباء فلم يُثبتوا إلا صَرْع الأخلاطِ وحده.
ومَن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتِها يضحَكُ من جهل هؤلاء وضعف عقولهم
وعِلاجُ هذا النوع يكون بأمرين: أمْرٍ من جهة المصروع، وأمْرٍ من جهة المعالِج، فالذى من جهة المصروع يكون بقوةِ نفسه، وصِدْقِ توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوُّذِ الصحيح الذى قد تواطأ عليه القلبُ واللِّسان، فإنَّ هذا نوعُ محاربةِ، والمحَارب لا يتمُّ له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحاً فى نفسه جيداً، وأن يكون الساعدُ قوياً، فمتى تخلَّف أحدُهما لم يُغن السلاح كثيرَ طائلٍ، فكيف إذا عُدِمَ الأمران جميعاً: يكونُ القلب خراباً من التوحيد، والتوكل، والتقوى، والتوجه، ولا سلاحَ له.
والثانى: من جهة المعالِج، بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً، حتى إنَّ من المعالجينَ مَن يكتفى بقوله: ((اخرُجْ منه))، أو بقول: ((بِسْمِ الله))، أو بقول: ((لا حَوْل ولا قُوَّة إلا بالله))، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ: ((اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ، أنا رَسُولُ اللهِ)).
وشاهدتُ شيخنَا يُرسِلُ إلى المصروع مَن يخاطبُ الروحَ التى فيه، ويقول: قال لكِ الشيخُ: اخرُجى، فإنَّ هذا لا يَحِلُّ لكِ، فيُفِيقُ المصروعُ، وربما خاطبها بنفسه، وربما كانت الروحُ مارِدةً فيُخرجُها بالضرب، فيُفيق المصروعُ ولا يُحِس بألم، وقد شاهدنا نحن وغيرُنا منه ذلك مراراً.
وكان كثيراً ما يَقرأ فى أُذن المصروع: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ }[المؤمنون : 115].

عبسي الحمديني
2010-06-18, 09:30 PM
مشكور يامسك الليل

لولو كاتى
2010-06-19, 12:09 PM
شكرا مسك الليل