المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى الخلافة والاستخلاف لغة وشرعًا !؟


BLOODY ROAR
2010-06-21, 12:31 PM
فضيلة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) . [ آل عمران : 102 ] . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) . [ النساء : 1 ] . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) . [ الأحزاب : 70 - 71 ] . أما بعد :

فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

السؤال : ما معنى الخلافة والاستخلاف لغة وشرعًا !؟

الجواب : ليس هناك فرق بين اللغة والشرع في هذه المسألة ؛ فكلاهما متحد فيها ، لكن الشرع يؤكد التزام اللغة في ذلك .

الخلافة هي مصدر ؛ كما جاء في " القاموس " يقال : ( خلفه خلافةً ، أي : كان خليفته - ولاحظوا تمام التعبير - وبقي بعده ) . ومما جاء في " القاموس " : ( الخليفة السلطان الأعظم كالخليف ، أي : يقال بالتذكير والتأنيث ، الخليف والخليفة ، والجمع خلائف وخلفاء ) .

هذا ما في " القاموس " ، لكن الشيء البديع ما في النهاية في غريب الحديث والأثر لإبن الأثير ، فقد ذكر أثراً ؛ فانتبهو ا له ! يقول : ( جاء أعرابيٌ ؛ فقال لأبي بكر : أنت خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !؟ فقال : لا . قال : فما أنت إذا كنت تقول : لست خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - !؟ قال : أنا الخالفة بعده ) .

أي : الذي يأتي بعده ، أما أن يكون خليفة فلا ، لماذا !؟ لأن معنى الخليفة فيه معنى دقيق على ما كنا نعبر عنه إجمالاً ونستنكر في التعبير ، بأن الإنسان خليفة الله في الأرض ، من أجل ذلك المعنى الذي يوضحه لنا الآن الإمام ابن الأثير ، يقول : فقال : ( أنا الخالفة بعده ) .

أبو بكر لم يرض لنفسه أن يقول : إنه خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما قال : ( أنا الخالفة بعده ) . أي : جاء من بعده فقط ، يفسر ابن الأثير فيقول : ( الخليفة من يقوم مقام الذاهب ويسدُّ مسدَّه ، والهاء فيه للمبالغة ، وجمعه الخلفاء ) ... إلى آخره .

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو بشر لم يرض أبو بكر الصديق أن يقول : إنه خليفته ؛ لأن معنى الخلافة بهذه اللفظة : أنه ينوب مناب الذي خلف ومضى وهو الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ولا يمكن لأبي بكر مهما سما وعلا أن يداني كماله - عليه الصلاة والسلام - .

ومن هنا نعرف بأنه لا ينبغي من باب أولى أن يقال : الإنسان هو خليفة الله في الأرض ؛ لأن البون أكبر من أن يذكر بين الخالق والمخلوق ، فإذا كان أبو بكر لم يرض أن يقول عن نفسه إنه خليفة الرسول ، فنحن لا نرضى أن نقول : إن الإنسان خليفة الله في الأرض .

السائل : إذًا : فما معنى قوله تعالى : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) . [ البقرة : 36 ] !؟

الشيخ : أنا كنت في صدد الإجابة عن مثل هذا السؤال ؛ لأن الواقع أن هذا السؤال يكثر إيراده ، والجواب عنه باختصار :

جاء أنه في الأرض خليفة للعلماء ، وهناك أكثر من قول في تفسير هذه الآية أو هذه اللفظة بخصوص هذه الآية ، والقول الذي يجنح إليه ابن كثير وهو في ذلك تابع لابن جرير ، يقول ابن كثير في تفسير الآية نفسها : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) . [ البقرة : 30 ] : ( ليس المراد هنا الخليفة آدم - عليه السلام - فقط ؛ كما يقول طائفة من المفسرين ، وعزاه القرطبي إلى فلان وفلان ، وفي ذلك نظر ، بل الخلاف في ذلك كثير حكاه الرازي في " تفسيره " وغيره ، والظاهر أنه لم يرد آدم عينًا ، إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) . [ البقرة : 30 ] . فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك ) ... إلخ .

ثم قال ابن كثير : قال ابن جرير : ( وإنما معنى الخلافة التي ذكرها الله إنما هي خلافة قرنٍ بعد قرن ، قال : والخليفة الفعيلة من قولك : خلف فلانٌ فلانًا في هذا الأثر ، إذا قام مقامه فيه بعده ، كما قال تعالى : ( ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) . [ يونس : 14 ] . ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم خليفة ؛ لأنه خلف الذي كان قبله فقام بالأمر ، فكان منه خلفًا ) .

هذا هو معنى الخلافة ، فنحن يجب أن نستحضر هذا المعنى العربي حتى نستعظم التعبير بأن الإنسان لا سيما إذا أطلقنا فنقول : إنه خليفة الله - عز وجل - ؛ لأن الذي يريد أن يخلف غيره يجب أن يكون أقلَّ ما يكون قريبًا منه ، وكما أقول دائمًا وأبدًا : لا يحسن مطلقًا أن يقول القائل : فلان الجاهل ، فلان الزبال ، هو خليفة العالم الفلاني ؛ هذا مستهزئ كل الاستهزاء ؛ لأنه لا يصلح أن يكون خليفةً لذلك العالم ؛ لبعد الشقة بينهما في صفة الخلافة ، فماذا يقال عن إنسان بالنسبة لخالق الأكوان - سبحانه وتعالى - !؟

ولذلك نجد التعابير في السنة الصحيحة تأتي لتضع الخليفة الحق ؛ كما جاء في حديث في " صحيح البخاري " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر سفرًا دعا قائلاً : ( اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ) . وفي رواية : ( في الحضر ) ، فإذا غاب الزوج عن بيته فمن الخليفة من بعده !؟ هو الله - سبحانه وتعالى - ؛ لأنه هو الذي يحسن الخلافة ، أما أن يكون العبد العاجز الجاهل ، مهما كان قويًا وعالمًا ، أن يكون خليفة عن الله - عز وجل - في الأرض ، فهذا تعبير مستهجن لغةً وشرعًا .

لولو كاتى
2010-06-22, 11:12 AM
شكرا على المواضيع المميزة ابدعت :72::72::72:

BLOODY ROAR
2010-06-23, 05:28 PM
لورد :l18: مشكور :l39:على المرور والمتابعة فى جميع المواضيع

http://lovely0smile.com/images/Card/bn-179.gif