عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-08-31, 03:11 PM   #1
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي سلسلة أمهات المؤمنين..السيدة عائشة رضي الله عنها(3)

عائشة بنت أبي بكر*
"حبك يا عائشة في قلبي كالعروة الوثقى"
بعد أن رحلت خديجة بنت خويلد إلي جوار ربها .. والتي قضى معها النبي أكثر من ربع قرن .. وكان قد تجاوز مرحلة الشباب .. وكانت ابنته فاطمة الزهراء صغيرة في حاجة إلي رعاية من يقوم مقام الأم فعرضت عليه (خوله بنت حكيم) أن يتزوج "سودة بنت زمعة" التي مات عنها زوجها (السكران بن عمر العامري) عقب عودته مع سودة من هجرته إلي الحبشة. وكانت امرأة مسنة .. خشيت اضطهاد مكة لها .. وخافت على دينها من أن يفتتها فيه أهل مكة فاختارها النبي لرعاية ابنته فاطمة .. وليس هذا الاختيار بسبب رغبة في مال أو جمال فلم تكن تملك شيئا من ذلك .. وقد عبرت هي بنفسها عن ذلك للرسول فقالت:
ـ والله ما بي على الأزواج من حرص، ولكني أحب أن يبعثني الله يوم القيامة زوجا لك!
لقد تزوج النبي من عائشة رضي الله عنها بعد رحيل أم المؤمنين خديجة بعدة سنوات .. وكانت عائشة مازالت صغيرة .. وكانت جميلة .. وذكية .. وتعرف القراءة والكتابة .. وتحفظ الكثير من الشعر .. تربت في بيت أبي بكر الصديق .. وأخذت من والدها العظيم ذكاءه ورقته .. وجميل شمائله.
ويقول الرواة إن التي اقترحت خطبتها للرسول خولة بنت حكيم .. في نفس الوقت الذي عرضت عليه الزواج من سودة بنت زمعة .. وهنا نتوقف عند سن عائشة عندما تزوجت الرسول . قالوا أنها كانت في العاشرة من عمرها. ولكن هناك من الدارسين من يرى غير ذلك .. فالعقاد يقول:
ـ "ولا يعرف على التحقيق في أي سنة ولدت عائشة رضي الله عنها .. ولكن أقرب الأقوال إلي الصدق وأحراها بالقبول أنها ولدت في السنة الحادية عشرة أو الثانية عشرة قبل الهجرة .. فتكون قد بلغت الرابعة عشرة من عمرها أو قاربتها. يوم بنى بها الرسول عليه السلام".
ويقول عنها العقاد أيضا:
ـ وجملة ما يفهم من وصفها على التحقيق أنها كانت بيضاء، فكان عليه السلام يلقبها بالحميراء .. ـ لاختلاط بياضها بحمرة وكانت أقرب إلي الطول لأنها كانت تعيب القصر، كما مر في كلامها عن السيدة صفية، وكانت في صباها نحيلة أو أقرب إلي النحول، حتى كان الذين يحملون هودجا خاليا يحسبونها فيه .. قالت في حديث مشهور:
ـ ".. وأقبل إلي رهط الذين يرحلون لي ـ أي يحملون الرحل على البعير ـ فحملوا هودجي وهم يحسبون أني فيه، وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلهن ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستكثر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، إذ كنت مع ذلك جارية حديثة السن".
ثم مالت بعد سنوات إلي شيء من السمنة كما جاء في كلامها في حديث آخر:
ـ "خرجت مع النبي في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم، فقال .. تقدموا .. فتقدموا .. ثم قال: تعالي حتى أسابقك فسبقته فسكت .. حتى إذا حملت اللحم وكنا في سفرة أخرى قال للناس: تقدموا .. فتقدموا .. ثم قال تعالي حتى أسابقك فسبقني فجعل يضحك ويقول: هذه بتلك"..
كانت عائشة أقرب الناس إلي قلب رسول الله وقد عبر عن ذلك بقوله: "حبك يا عائشة في قلبي كالعروة الوثقى"
وقال أيضا يصف عاطفته القوية نحو عائشة:
ـ "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" وكانت السيدة عائشة تعرف مكانتها عند رسول الله ، التي لا يتفوق عليها إلا حبه للراحلة العظيمة خديجة بنت خويلد، حتى أن عائشة كانت تغار منها رغم وفاتها..
وكانت عائشة تعدد مزايا نفسها فقالت بعد أن رحل النبي إلي جواربه:
ـ "فضلت على نساء النبي بعشر .. لم ينكح بكرا قط غيري .. ولا امرأة أبواها مهاجزان غيري، وأنزل الله براءتي من السماء، وجاء جبريل بصورتي من السماء في حربرة، وكنت أغتسل أنا وهو في إناء واحد ولم يكن يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه دون غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم ينزل وهو مع غيري. وقبض وهو بين سحري ونحوي في الليلة التي كان يدور علي فيها ودفن في بيتي".
ولا شك أن هذه المنزلة بلغتها بكل ما تملك من مواهب الجمال .. والذكاء .. والحس المرهف .. كان النبي يخصف نعله يوما وهي تغزل ورأت العرق على وجهه، فتصورت أن حبات العرق على جبينه ـ حبها له تتألق نورا .. فاعترتها الدهشة.
قال لها الرسول : مالك بهت؟
قالت: يا رسول الله نظرت إلي وجهك فجعل عرقك يتولد نورا .. فلو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره..
قال: وما يقول يا عاشة أبو كبير الهزلي؟
قالت: يقول:
ومبـرأ مـن كل غير حيضة
وفصـاد مرضـعة وداء مقبل
وإذا نظـرت إلـي أسرة وجهه
برقت كبرق العـأرض المتهلل

فقال إليها الرسول وقبلها بين عينيها وقال:
ـ بارك الله فيك يا عائشة.
وقد زاد من حبه لها صداقته الحميمة بأبيها (أبو بكر الصديق) .. وقد سأله يوما عمرو بن العاص: ـ يا رسول الله من أحب الناس إليك؟
ـ عائشة.
ـ إنما أقول من الرجال؟
ـ أبوها.
ولا يختلف أحد على فصاحتها وقدرتها على البيان .. ومن أجل هذا قال عنها الرسول الكريم:
ـ "خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء.
ويستدل الرواة على قدرتها البلاغية الفائقة من خطبها في مختلف المناسبات .. فهي التي وقفت على قبر أبيها (الصديق ترثيه):
ـ "نضر الله وجهك، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلا بإعراضك عنها، وللآخرة معزا بإقبالك عليها، ولئن كان أجل الحوادث بعد رسول الله رزؤك، وأعظم المصائب بعده فقدك، أن كتاب الله ليعد بالعزاء عنك حسن العوض منك بالدعاء لك فإنا لله وإنا إليه راجعون، وعليك السلام ورحمة الله توديع غير قالية لحياتك ولا زارية على القضاء فيك".
كما يرون الرواة أنها تمثلت بقول الشاعر، عندما رأت والدها العظيم يجود بأنفاسه فقالت:
لعمـرك ما يغني الثراء عن الفني
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فقال لها والدها العظيم وهو يذكرها بأن تستدل بما هو أفضل بكتاب العزيز الحميد:
قال لها وقد استمع إلي كلمها الحزينة:
ـ لا تقولي ذلك يا عائشة، ولكن قولي:
"وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد".
ولكن هذه السيدة الفاضلة التي كانت تغار على رسول الله تحدث لها حادثة تركت في حياتها بصمات عميقة .. بل أن هذه الحادثة تركت على مجرى التاريخ الإسلامي نفسه بصمات عميقة يوم تصدت فيما بعد للإمام علي أبي طالب في معركة "الجمل" لأنها لم تنس له قوله عقب هذه الحادثة:
تزوج يا رسول الله .. فالنساء كثير
أنها حادثة الإفك..
وهذه الحادثة كما يرويها الرواة ملخصها .. أنها خرجت مع النبي في إحدى غزواته (غزوة بني المصطلق) .. وبعد أن انتهت هذه المعركة، وأخذ الجيش طريقه إلي المدينة .. كانت عائشة قد ذهبت بعيدا لقضاء حاجتها .. وقد انفرط عقدها .. فأخذت تجمعه .. وعندما تم لها ذلك نظرت فإذا الجيش قد أخذ طريقه نحو المدينة .. وكان الذي يحملون هودجها يظنونها فيه، وأخذت تتلفت يمنة ويسرة وفي كل الاتجاهات وهي تحاول العودة إلي المدينة .. ثم أخذها التعب فنامت .. وكان هناك الشاب صفوان بن المعطل الذي كان يبحث في أرض المعارك عمن تخلف من المقاتلين، وشاهد السيدة عائشة وعرفها .. فأركبها على راحلته .. وأخذ يقودها حتى أرجعها إلي بيتها..
قصة عادية..
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس